فصل: قال ابن عطية:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.قال الفخر:

أما قوله تعالى: {يا أَهْلَ الكتاب} ففيه ثلاثة أقوال:
أحدها: المراد نصارى نجران.
والثاني: المراد يهود المدينة والثالث: أنها نزلت في الفريقين، ويدل عليه وجهان:
الأول: أن ظاهر اللفظ يتناولهما.
والثاني: روي في سبب النزول، أن اليهود قالوا للنبي عليه الصلاة والسلام، ما تريد إلا أن نتخذك ربًا كما اتخذت النصارى عيسى! وقالت النصارى: يا محمد ما تريد إلا أن نقول فيك ما قالت اليهود في عزير! فأنزل الله تعالى هذه الآية، وعندي أن الأقرب حمله على النصارى، لما بينا أنه لما أورد الدلائل عليهم أولًا، ثم باهلهم ثانيًا، فعدل في هذا المقام إلى الكلام المبني على رعاية الإنصاف، وترك المجادلة، وطلب الإفحام والإلزام، ومما يدل عليه، أنه خاطبهم هاهنا بقوله تعالى: {يا أهلَ الكتاب} وهذا الاسم من أحسن الأسماء وأكمل الألقاب حيث جعلهم أهلًا لكتاب الله، ونظيره، ما يقال لحافظ القرآن يا حامل كتاب الله، وللمفسر يا مفسر كلام الله، فإن هذا اللقب يدل على أن قائله أراد المبالغة في تعظيم المخاطب وفي تطييب قلبه، وذلك إنما يقال عند عدول الإنسان مع خصمه عن طريقة اللجاج والنزاع إلى طريقة طلب الإنصاف. اهـ.
وقال ابن عباس: نزلت في القسيسين والرهبان، فبعث بها النبي صلى الله عليه وسلم إلى جعفر وأصحابه بالحبشة، فقرأها جعفر، والنجاشي جالس، وأشراف الحبشة. اهـ.

.قال الطبري:

وإنما قلنا عنى بقوله: {يا أهل الكتاب}، أهلَ الكتابين، لأنهما جميعًا من أهل الكتاب، ولم يخصص جل ثناؤه بقوله: {يا أهل الكتاب} بعضًا دون بعض. فليس بأن يكون موجَّهًا ذلك إلى أنه مقصود به أهلُ التوراة، بأولى منه بأن يكون موجهًا إلى أنه مقصود به أهل الإنجيل، ولا أهل الإنجيل بأولى أن يكونوا مقصودين به دُون غيرهم من أهل التوراة. وإذ لم يكن أحدُ الفريقين بذلك بأولى من الآخر لأنه لا دلالة على أنه المخصوص بذلك من الآخر، ولا أثر صحيح فالواجب أن يكون كل كتابيّ معنيًّا به. لأن إفرادَ العبادة لله وحدَه، وإخلاصَ التوحيد له، واجبٌ على كل مأمور منهيٍّ من خلق الله. واسم {أهل الكتاب}، يلزم أهل التوراة وأهل الإنجيل، فكان معلومًا بذلك أنه عني به الفريقان جميعًا. اهـ.

.من أقوال المفسرين في قوله تعالى: {تعالو إلى كَلِمَةٍ سَوَاء بَيْنَنَا}:

.قال الفخر:

أما قوله تعالى: {تَعَالَوْاْ} فالمراد تعيين ما دعوا إليه والتوجه إلى النظر فيه وإن لم يكن انتقالًا من مكان إلى مكأن لان أصل اللفظ مأخوذ من التعالي وهو الارتفاع من موضع هابط إلى مكان عال، ثم كثر استعماله حتى صار دإلا على طلب التوجه إلى حيث يدعى إليه.
أما قوله تعالى: {إلى كَلِمَةٍ سَوَاء بَيْنَنَا} فالمعنى هلموا إلى كلمة فيها إنصاف من بعضنا لبعض، لا ميل فيه لأحد على صاحبه، والسواء هو العدل والإنصاف، وذلك لأن حقيقة الإنصاف إعطاء النصف، فإن الواجب في العقول ترك الظلم على النفس وعلى الغير، وذلك لا يحصل إلا بإعطاء النصف، فإذا أنصف وترك ظلمه أعطاه النصف فقد سوى بين نفسه وبين غيره وحصل الاعتدال، وإذا ظلم وأخذ أكثر مما أعطى زال الاعتدال فلما كان من لوازم العدل والإنصاف التسوية جعل لفظ التسوية عبارة عن العدل.
ثم قال الزجاج {سَوَاء} نعت للكملة يريد: ذات سواء، فعلى هذا قوله: {كَلِمَةٍ سَوَاء} أي كلمة عادلة مستقيمة مستوية، فإذا آمنا بها نحن وأنتم كنا على السواء والاستقامة. اهـ.

.قال الطبري:

وأما تأويل قوله: {تعالوا}، فإنه: أقبلوا وهلمُّوا.
وإنما هو تفاعلوا من العلوّ فكأن القائل لصاحبه: تعالَ إليّ، قائلٌ تفاعل من العلوّ، كما يقال: تَدَانَ مني من الدنوّ، وتقارَبْ مني، من القرب.
وقوله: {إلى كلمة سواء}. فإنها الكلمة العدلُ، والسَّواء من نعتِ الكلمة.
وقد اختلف أهل العربية في وجه إتباع سواء في الإعراب لكلمة، وهو اسمٌ لا صفة.
فقال بعض نحويي البصرة: جر سواء لأنها من صفة الكلمة وهي العدل، وأراد مستوية. قال: ولو أراد استواء، كان النصب. وإن شاء أن يجعلها على الاستواء ويجرّ، جاز، ويجعله من صفة الكلمة، مثل الخلق، لأن الخلق هو المخلوق.
والخلق قد يكونُ صفةً واسمًا، ويجعل الاستواء مثل المستوى، قال عز وجل: {الَّذِي جَعَلْنَاهُ لِلنَّاسِ سَوَاءً الْعَاكِفُ فِيهِ وَالْبَادِ} [سورة الحج: 25]، لأن السواء للآخر، وهو اسمٌ ليس بصفة فيجرى على الأول، وذلك إذا أراد به الاستواء. فإن أراد به مستويًا جاز أن يُجرَي على الأول. والرفع في ذا المعنى جيدٌ، لأنها لا تغيَّر عن حالها ولا تثنى ولا تجمع ولا تؤنث فأشبهت الأسماء التي هي مثل عدل ورضًى وجُنُب، وما أشبه ذلك. وقالوا: في قوله: {أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَوَاءً مَحْيَاهُمْ وَمَمَاتُهُمْ} [سورة الجاثية: 21]، فالسواء للمحيا والممات بهذا، المبتدأ.
وإن شئت أجريته على الأول، وجعلتَه صفة مقدمة، كأنها من سبب الأول فجرت عليه. وذلك إذا جعلته في معنى مستوى. والرفع وجه الكلام كما فسَّرتُ لك.
وقال بعض نحوي الكوفة: سواء مصدرٌ وضع موضع الفعل، يعني موضع متساوية: ومتساو، فمرة يأتي على الفعل، ومرّةً على المصدر. وقد يقال في سواء، بمعنى عدل: سِوًى وسُوًى، كما قال جل ثناؤه: {مَكَانًا سُوًى} و{سِوًى} [سورة طه: 58]، يراد به: عدل ونصَفٌ بيننا وبينك. وقد روي عن ابن مسعود رضي الله عنه أنه كان يقرأ ذلك: «إِلَى كَلَمَةٍ عَدْلٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُم». اهـ.

.قال ابن عادل:

قوله: {إلى كَلَمَةٍ} مُتَعَلِّق بـ {تَعَالَوْا} فذكر مفعول {تَعَالَوْا} قبلها، فإنه لم يذكر مفعوله؛ فإن المقصودَ مُجَرَّدُ الإقبال، ويجوز أن يكون حذفه للدلالة عليه، تقديره: تعالوا إلى المباهلة.
وقرأ العامة {كَلِمَةٍ}- بفتح الكاف وكسر اللام- وهو الأصل، وقرأ أبو السَّمَّال {كِلْمَةٍ} بوزن سدرة و{كَلْمَةٍ} كَضَرْبَة وتقدم هذا قريبًا.
وكلمة مفسَّرة بما بعدها- من قوله: {ألاّ نَعْبُدَ إلاَّ الله}- فالمرادُ بها كَلاَمٌ كَثِيرٌ، وهَذا مِنْ بَابَ إطلاق الجزء والمراد به الكل، ومنه تسميتهم القصيدة جميعًا قافيةً- والقافية جزء منها قال: [الوافر]
أعَلِّمُهُ الرِّمَايَةَ كُلَّ يَوْمٍ ** فَلَمَّا اشتدَّ سَاعِدُهُ رَمَانِي

وَكَمْ عَلَّمُْهُ نَظْمَ الْقَوَافِي ** فَلَمَّا قَالَ قَافِيَةً هَجَانِي

ويقولون كلمة الشهادة- يعنون: لا إله إلا الله، مُحَمدٌ رَسُولُ اللهِ- وقال صلى الله عليه وسلم: «أصْدَقُ كَلِمَةٍ قَالهَا شاعرٌ كلمة لبِيدٍ».
يريد: [الطويل]
ألا كُلُّ شَيْءٍ مَا خَلاَ اللهَ بَاطِلُ ** وَكُلُّ نَعِيمٍ- لا مَحَالَةَ- زَائِلُ

وهذا كما يسمون الشيء بجزئه في الأعيان، لأنه المقصود منه، قالوا لرئيس القوم- وهو الذي ينظر لهم ما يحتاجون إليه-: عَيْن، فأطلقوا عليه عينًا.
وقال بعضهم: وُضِعَ المفردُ موضعَ الجمع، كما قال: [الطويل]
بِهَا جِيَفُ الْحَسْرَى، فَأمَّا عِظَامُهَا ** فَبِيضٌ، وَأمَّا جِلدُهَا فَصَلِيبُ

وقيل: أطلقت الكلمة على الكلمات؛ لارتباط بعضها ببعضٍ، فصارت في قوة الكلمة الواحدة- إذا اخْتلَّ جُزْءٌ منها اختلت الكلمةُ؛ لأن كلمة التوحيد- لا إله إلا الله- هي كلماتٌ لا تتم النسبة المقصودة فيها من حصر الإلهية في الله إلا بمجموعها.
وقرأ العامة {سَوَاءٍ} بالجر؛ نعتًا لـ {كَلِمَةٍ} بمعنى عَدْلٍ، ويدل عليه قراءة عبد الله: إلى كلمة عدل، وهذا تفسير لا قراءة.
وسواء في الأصل- مصدر، ففي الوصف التأويلات الثلاثة المعروفة، ولذلك لم يُؤنث كما لم تؤنث بامرأة عدل؛ لأن المصادر لا تُثَنَّى، ولا تُجْمَع، ولا تُؤنَّثُ، فإذا فتحت السين مَدَدْتَ، وإذا كسرتَ أو ضممت قصرت، كقوله: {مكَانًا سُوًى} [طه: 58].
وقرأ الحسن {سَوَاءً} بالنصب، وفيها وجهان:
أحدهما: نصبها على المصدر.
قال الزمخشريُّ: بمعنى: اسْتَوْتِ اسْتِوَاءً، وكذا الحوفيّ.
والثاني: أنه منصوب على الحال، وجاءت الحالُ من النكرةِ، وقد نصَّ عليه سيبويه.
قال أبو حيّان: ولكن المشهور غيره، والذي حسَّن مجيئَها من النكرة- هنا- كونُ الوَصْفِ بالمصدر على خلاف الأصل، والصفة والحال متلاقيان من حيث المعنى.
وكأن أبا حيان غض من تخريج الزمخشريِّ والحوفيّ، فقال: والحال والصفة متلاقيان من حيثُ المعنى، والمصدر يحتاج إلى إضمار عاملٍ، وإلى تأويل سواء بمعنى استواء.
والأشهر استعمال {سَوَاء} بمعنى اسم الفاعل- أي: مُسْتوٍ.
قال شهاب الدين: وبذلك فسَّرها ابن عباس، فقال: إلى كَلِمَةٍ مُسْتَوِيَةٍ. اهـ.

.قال ابن عطية:

وقوله: {سواء} نعت للكلمة، قال قتادة والربيع وغيرهما: معناه إلى كلمة عدل، فهذا معنى السواء، وفي مصحف عبد الله بن مسعود: إلى كلمة عدل بيننا وبينكم، كما فسر قتادة والربيع، وقال بعض المفسرين: معناه إلى كلمة قصد.
قال الفقيه الإمام أبو محمد: وهذا قريب في المعنى من الأول، والسواء والعدل والقصد مصادر وصف بها في هذه التقديرات كلها، والذي أقوله في لفظة {سواء} انها ينبغي أن تفسر بتفسير خاص بها في هذا الموضع وهو أنه دعاهم إلى معان جميع الناس فيها مستوون، صغيرهم وكبيرهم، وقد كانت سيرة المدعوين أن يتخذ بعضهم بعضًا أربابًا فلم يكونوا على استواء حال فدعاهم بهذه الآية إلى ما تألفه النفوس من حق لا يتفاضل الناس فيه، فـ {سواء} على هذا التأويل بمنزلة قولك لآخر: هذا شريكي في مال سواء بيني وبينه.
والفرق بين هذا التفسير وبين تفسير اللفظة بعدل، أنك لو دعوت أسيرًا عندك إلى أن يسلم أو تضرب عنقه، لكنت قد دعوته إلى السواء الذي هو العدل، وعلى هذا الحد جاءت لفظة {سواء} في قوله تعالى: {فانبذ إليهم على سواء} [الأنفال: 58] على بعض التأويلات، ولو دعوت أسيرك إلى أن يؤمن فيكون حرًا مقاسمًا لك في عيشك، لكنت قد دعوته إلى السواء، الذي هو استواء الحال على ما فسرته، واللفظ على كل تأويل فيها معنى العدل، ولكني لم أر لمتقدم أن يكون في اللفظة معنى قصد استواء الحال، وهو عندي حسن، لأن النفوس تألفه، والله الموفق للصواب برحمته. اهـ.

.قال ابن الجوزي:

فأما الكلمة فقال المفسرون هي: لا إله إلا الله.
فإن قيل: فهذه كلمات، فلم قال كلمة؟ فعنه جوابان:
أحدهما: أن الكلمة تعبر عن ألفاظ وكلمات.
قال اللغويون: ومعنى كلمة: كلام فيه شرح قصة وإن طال، تقول العرب: قال زهير في كلمته يراد في قصيدته.
قالت الخنساء:
وقافيةٍ مثلِ حدِّ السنا ** ن تبقى ويذهبُ من قالها

تقدُّ الذّؤابة مِن يَذْبلٍ ** أبت أن تُزايل أوعالَها

نطْقتَ ابنَ عمروٍ فسهَّلتها ** ولم ينطق الناس أمثالها

فأوقعت القافية على القصيدة كلها، والغالب على القافية أن تكون في آخر كلمة، من البيت، وإنما سميت قافية، لإن الكلمة تتبع البيت، وتقع آخره، فسُميت قافية من قول العرب: قفوت فلانًا: إذا اتبعته، وإلى هذا الجواب يذهب الزجاج وغيره.
والثاني: أن المراد بالكلمة: كلمات، فاكتفى بالكلمة من كلمات، كما قال علقمة بن عبدة.
بِها جيفُ الحسرى فأمّا عظامُها ** فبيضٌ وأما جلدُها فصليب

أراد: وأما جلودها، فاكتفى بالواحد من الجمع، ذكره والذي قبله ابن الأنباري. اهـ.

.من أقوال المفسرين في قوله تعالى: {أن لا نَعْبُدَ إِلاَّ الله}:

.قال الفخر:

إنه تعالى ذكر ثلاثة أشياء أولها: {أن لا نَعْبُدَ إِلاَّ الله}.
وثانيها: أن {لا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا}.
وثالثها: أن {لاَّ يَتَّخِذِ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مّن دُونِ الله} وإنما ذكر هذه الثلاثة لأن النصارى جمعوا بين هذه الثلاثة فيعبدون غير الله وهو المسيح، ويشركون به غيره وذلك لأنهم يقولون أنه ثلاثة: أب وابن وروح القدس، فأثبتوا ذوات ثلاثة قديمة سواء، وإنما قلنا: إنهم أثبتوا ذوات ثلاثة قديمة، لأنهم قالوا: إن أقنوم الكلمة تدرعت بناسوت المسيح، وأقنوم روح القدس تدرعت بناسوت مريم، ولولا كون هذين الأقنومين ذاتين مستقلتين وإلا لما جازت عليهما مفارقة ذات الأب والتدرع بناسوت عيسى ومريم، ولما أثبتوا ذوات ثلاثة مستقلة فقد أشركوا، وأما إنهم اتخذوا أحبارهم ورهبأنهم أربابًا من دون الله فيدل عليه وجوه:
أحدها: إنهم كانوا يطيعونهم في التحليل والتحريم.
والثاني: إنهم كانوا يسجدون لأحبارهم.
والثالث: قال أبو مسلم: من مذهبهم أن من صار كاملًا في الرياضة والمجاهدة يظهر فيه أثر حلول اللاهوت، فيقدر على إحياء الموتى وإبراء الأكمه والأبرص، فهم وإن لم يطلقوا عليه لفظ الرب إلا أنهم أثبتوا في حقه معنى الربوبية.
والرابع: هو أنهم كانوا يطيعون أحبارهم في المعاصي، ولا معنى للربوبية إلا ذلك، ونظيره قوله تعالى: {أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتخذ إلهه هَوَاهُ} [الجاثية: 23] فثبت أن النصارى جمعوا بين هذه الأمور الثلاثة، وكان القول ببطلان هذه الأمور الثلاثة كالأمر المتفق عليه بين جمهور العقلاء وذلك، لأن قبل المسيح ما كان المعبود إلا الله، فوجب أن يبقى الأمر بعد ظهور المسيح على هذا الوجه، وأيضا القول بالشركة باطل باتفاق الكل، وأيضا إذا كان الخالق والمنعم بجميع النعم هو الله، وجب أن لا يرجع في التحليل والتحريم والانقياد والطاعة إلا إليه، دون الأحبار والرهبان، فهذا هو شرح هذه الأمور الثلاثة. اهـ.

.قال ابن عادل:

قوله: {أَلاَّ نَعْبُدَ إِلاَّ الله} فيه ستة أوجهٍ:
أحدها: أنه بدل من {كَلِمةٍ}- بدل كل من كل.
الثاني: بدل من {سَوَاء} جوزه أبو البقاء؛ وليس بواضح، لأن المقصود إنما هو الموصوف لا صفته فنسبة البدلية إلى الموصوف أوْلَى، وعلى الوجهين فأنْ وما في حَيِّزها في محل جَرٍّ.
الثالث: أنه في محل رَفْع؛ خبرًا لمبتدأ مُضْمَرٍ، والجملة استئناف، جواب لسؤال مقدَّر، كأنه لما قيل: {تَعَالَوْاْ إلى كَلَمَةٍ} قال قائل: ما هي؟ فقيل: هي أن لا نعبد إلا الله، وعلى هذا الأوجه الثلاثة فبَيْنَ منصوب بـ {سَوَاءٍ} ظرفًا له، أي: يقع الاستواء في هذه الجهة.